منتدى الكاتب هاشم برجاق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الكاتب هاشم برجاق

لا اله الا الله محمد رسول الله


    انفجار طائرة بظروف غامضة جدا

    Admin
    Admin


    المساهمات : 427
    تاريخ التسجيل : 09/11/2010
    العمر : 58
    الموقع : hashem.jordanforum.net

    انفجار طائرة بظروف غامضة جدا   Empty انفجار طائرة بظروف غامضة جدا

    مُساهمة من طرف Admin السبت نوفمبر 13, 2010 9:33 pm

    انفجار طائرة بظروف غامضة جدا

    في البداية .أنا شاب في مقتبل العمر خذلته الظروف والأقدار ولظروف استثنائية قررت السفر والعمل بالولايات المتحدة الأمريكية وهذا القرار لم يكن من السهل اتخاذه ولكن متطلبات الحياة ولفقدان وظيفتي السابقة وكنت في عمر يستثنى اسمي من أي مقابلة وظيفية وكانت شروط بلدي قاسية نوعا ما ومن هم بعمري في دول أخرى يكوني بعز عطائهم ولكن هكذا هي الدنيا تعطي ساعات وتأخذ ساعات المهم أن هذا القرار كان على حساب زوجة لا مثيل لها بالحب والحنان وثلاثة أولاد كانوا بأمس الحاجة لحضني الدافئ ومتابعة دراستهم العلمية ولا تنسوا بأنه هذه الأيام نعيش بظروف قاسية وجرائم غير متناهية وحالات من الإدمان والمشاكل المدرسية وحالات انتحار وهمية ولكن لظروف قاهرة وعدم حصولي على أي فرصة لاستمرار الحياة مع العائلة الكريمة بوجود أب وأم رائعين وأكثر من هذا وأخوان مميزين. وحانت ساعة الصفر وذهبت مع أولادي لحجز تذكرة الطائرة ولظروف استثنائية قبولي لمثل هذه الرحلة كان اضطراريا فهي كانت رحلة طويلة جدا فكانت متوجهة من عمان إلى فرنسا ومن فرنسا إلى شيكاجو ومدة الانتظار كانت مدة سبعة ساعات وبمطار (شارل ديغول) غير مسموح فيه التدخين قطعيا لدرجة وجود استشعارات حساسة في دورة المياه لمنع أي مستهتر من كسر حاجز القوانين لدرجة أنه لا يوجد مخارج مسموح بها إلا فقط للطوارئ ووجود رجل شرقي مثلي كان يصعب عليه تقبل لمثل هذه القوانين فقد تعلمنا ببلادنا كسر حاجز كل القوانين بدون وعي بحجة كلمة السر العجيبة التي تنجينا من أي عقاب مهما كان حجم الجرم (والله ما كنت بعرف) وما شفت شعار (ممنوع التدخين)
    ألان أنا جاهز لحزم كل ما هو موجود من ملابسي وذكرياتي وعدة حلاقتي ومنشفتي المعفنة (أم ريحة)
    وملابس قد اشتريتها أيام ما كنت (بني ادم) وغيارات داخلية قد أكلت منها الفئران شوية وصور تذكارية للزوجة والأولاد وأبي وأمي.. وأصرت وقتها زوجتي بأن تضع لي شوية (مكدوس) ولبنة مكعبلة وضمة ميرامية المسكينة كانت خايفة عليي وقبل السفر بأربع ساعات لم أستطيع النوم كما في السابق وكانت ذكريات تلك الأيام الخالية لا تفارق خيالي فكنت أتذكر مدرستي القديمة واللعب وقراءة الكتب في مكتبة أصدقاء الأطفال بجبل عمان بقرب قصر البلبيسي وتذكرت قطار ماركا القديم وهذا من أجمل التحف الفنية التي أحبها في مدينتي الحبيبة عمان وتذكرت هروبي من أمي لتلك الحارة العتيقة خوفا من الحمام اليومي بدون ملابس وكيف الجارات كانوا بغاية الخجل من طفل يقوم بمثل هذه الأعمال المشينة وتذكرت عندما قمت بتزوير شهادة الثاني الإعدادي وكيف كان خوفي من والدي لاكتشافه هذه العملة الخطيرة وبالفعل اكتشفها وكان وقتها يعمل في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية (الدائرة المالية) في منطقة العبدلي مكان ما كان يسكن به عظماء هذه البلد العظيمة وكان عقابي كبير وكنت أستحق عقاب أكبر لان أبي العظيم لا يعرف الغش.. الذي يشرب ويصطاد سمك سيل عمان وأكله من فاكهة بستان أبو شام وخدمته الطويلة بسلك القوات المسلحة لا يعرف الكذب ولا الغش وكان عقابه لي بعدم أخذي لبيت جدي وهذا اكبر عقاب لطفل بمثل عمري فحبي لعمومي ولجدي لا ينتهي إلا بنهاية أخر لحظة من عمر طفل من الحجم الكبير مثلي وقطعت وعد وأقسمت أن لا أعرف الغش مدى حياتي ..لكسب الرضا من والدي الحبيب ومرافقته كما كنت أفعل لسوق الخضار وبيت جدي بالدوار الثاني والذهاب معه إلى المؤسسة العسكرية لشراء ما يحلوا ويطيب لي من أنواع الشوكولا الطيبة واللويفر الانجليزي وشراء بدلة عسكرية برتبة عقيد صغيرة بحجم طفولتي وكبيرة بعطائي وانتمائي لبلدي وحبي للقوات المسلحة وشعار الجيش وحبي للتاج الملكي. وعشقي الدائم لامتطاء (بصطار الجيش ) ولكن لا يوجد مقاس لقدم طفل صغير بحجمي.
    ولم يتبقى شيء من الوقت لأنه يوجد نظام على متن الخطوط الجوية بضرورة الحضور قبل إقلاع الطائرة بساعتين وأنا دقيق في مواعيدي وبالفعل حقائبي كانت جاهزة لم اسمح لوالدي الذهاب للمطار خوفا عليهم من الانهيار العصبي الذي ممكن أن يصيبهم لسفر ابنهم الكبير لأول مرة خارج البلاد وكان أخي وزوجته وابن عمي وزوجتي الحبيبة وأبنائي الأحباء نادين ويزن والصغيرة جود وكان عمرها سنة وثلاثة وعشرون يوما كنت احسب عمر أولادي باليوم والثانية وكانت حقائبي جدا ثقيلة وبمساعدة موظفين الملكية الأردنية استوعبوا كل حمولتي الثقيلة من ملابس ومن ذكريات قديمة كنت قد وضعتها بحقيبة سفر جلدية واحدة... وحانت لحظة وداع أب لأبنائه وزوجته وأخوه اللي كان اغلي ما يملك وصديق طفولته وهو أول من أشعل فتيل أول سيجاره معه ناصر طبعا تحت ظل أشجار غابة (راس العين) وفندق الأردن قد قمنا بنبش نفايات الفندق والبحث عن بقايا سجاير أجنبية وفتيل شاي لماركات أجنبية وبقايا شفرات حلاقة مستخدمة. وألان وقد تمت المناداة على المسافرين المتوجهين لشيكاجو على متن الخطوط الجوية رحلة رقم 543 بضرورة التوجه لسلم الطائرة مع الشكر ووقتها فضلت البقاء لغاية النداء النهائي وليس غريب لأب بمثل محبتي لأولادي وزوجتي وأهلي وعائلتي الكريمة وبلدي العظيمة البقاء لغاية أخر لحظة أشتم فيها رائحة بلدي وألان بدأت دموع أولادي وزوجتي الاستثنائية تنهمر كأمطار تشرين وكانت لحظة الوداع حزينة أكثر وذلك لنوم ابنتي الصغيرة فقبلتها وهي نائمة وهمست بأذنها الصغيرة سامحيني يا حبيبتي الصغيرة فأنا يا أبي مضطر ومكره على السفر ومفارقتك ومفارقة أخوانك الأعزاء. وعندما تكبري قولي لوالدتك الحبيبة بأني لن أحب امرأة أخرى كما أحببتها ولن أشرب قهوتي إلا معها ولن أضع رأسي بحضن امرأة سواها.وفي الأثناء خفت عليها لتصحوا وتبكي وتعذبني. من شدة حبي لها ولتعلقي بها. فقبلت أبنائي وضممتهم بين يدي ضمة قوية كما كنت أفعل بالسابق ولحظتها تذكرت كم اخترعت لهم قصص جميلة ليلية والنوم بينهم وقصة (الأميرة والضفدع وقصة الصياد الطماع وقصة الأميرة العجوز )فكل مؤلفاتي قد سرقت مني وتم تمثيلها بالسينمات العالمية.وألان أخذت قبلة الوداع من على جبين زوجتي الحبيبة التي كنت قد احتفظت بعيونها وتغليفهم بمحفظتي الجلدية. وكانت تقوم بإسماعي أجمل الكلمات التي لم تكن قد قيلت لزوج في العالم مثل ما قيلت لي.وهنا كان يجب علي الإفلات من يديها كما يهرب عصفور الدوري من عشه المتين. وكنت قد ودعت الجميع حتى الذي لا يعرفني بالمطار بكى من طريقة توديعي وقبل وصولي للسلم الكهربائي قلت لأخي العظيم أمي وأبي أمانة في رقبتك ولا تنسى تقبيل أيديهم وأرجلهم نيابة عني وقول لهم بأن ابتعادي عنهم أشبه بخروج الروح من الجسد ولم أجرأ النظر للخلف وإلقاء التحية الأخيرة. وصعدت سلم الطائرة ألان وجلست بالمقعد المخصص لي وقمت بربط حزام الأمان المخصص لي وتم إقلاع الطائرة بسرعة وكنت أنظر لأضواء عمان الامتناهية ومنظر لمنازل نائية ومنظر أولادي وزوجتي الحبيبة أراه بزجاجة الماء وبفنجان القهوة وبكل شوكة وسكين وكان معي مسجل صغير أسمع به أغاني للرائع (وديع الصافي)
    وكانت الأغنية الرائعة والتي أبكت عيوني الصغيرة وهي(على الله تعود على الله يا ضايع في بلاد الله)
    وتم الإعلان عن ارتفاع الطائرة للمدى المطلوب ويمكننا فك أحزمة الأمان وبدئوا المضيفات الرائعات الأناقة والترتيب بلباسهم الأحمر الجميل بتقديم الأكل والشراب للمسافرين وكنت مخطوف الوجه وطمأنتني المضيفة هكذا يحصل أول مرة فقلت لها قلبي مقبوض لا أعرف لماذا وأحضرت لي القران الكريم وقالت لي اقرأ المعوذات وتعوذ من الشيطان الله يكفينا شر أفكارك ...وأعلن الكابتن بأن الطائرة ألان تمشي بسرعة950 كم في الساعة على أعلى ارتفاع 35 ألف قدم ودرجة الحرارة بالخارج 56 درجة تحت الصفر. وكنت أنظر لصورة التاج الموجود على جناح الطائرة كان آخر شيء أنظر له. وبلحظة غضب من الريح أعلن الكابتن عن وجود عاصفة جوية قوية وجرس الإنذار قد أعلن حالة طوارئ قصوى وأصبحت الطائرة تنخفض وترتفع وكأنها ريشة عصفور بالهواء
    وكان الخطر الحقيقي قد وصل وأصبحت الطائرة معرضة للسقوط بأي لحظة وبدأت بقراءة القران الكريم
    وبتذكر الصور القديمة وصورة أولادي وزوجتي وأمي وأبي لا تفارقني. وكيف سيكون الخبر لوالدي وأصدقائي وأخي الوحيد وأخواتي وزوجتي وأولادي. وماذا سيكتب عني بالصحافة والى أي مدى سيكون حجم احتراقي وفرصة نجاتي من الانفجار المرتقب وأصبحت الطائرة غير متماسكة وبدأت الناس بالصراخ والهلع وكنت وقتها أفكر بشكل قبري وبلون علم بلادي الذي سيوضع على جثماني وبا لهول إحساسي وخوفي من الله وماذا عملت في حياتي ........
    وكان خوفي لا مثيل له بالكون ونبض قلبي أصبح أسرع من دوران محرك الطائرة وقبل الانفجار بثواني صحوت من نوم عميق وبصرخة مرتفعة وتعرق وقلب ثائر وسريع في نبضاته وانقباضاته.
    كان النوم قد غلبني ولم أستطيع النهوض على صوت ساعة المنبه والحمد لله لم أمت لم أمت أنا عايش
    استيقظت زوجتي وأولادي على صوتي المرتفع وكانت تعرف بأني نائم ولم توقظني أصلا.
    فكانت والدتي الحبيبة قد ادعت بأنها شاهدت منام سيئ. وأقنعت زوجتي بعدم إيقاظي على موعد الطائرة لضمان استمرارية الحياة مع العائلة وعدم فقدان زوجتي وأولادي لرب الأسرة وخلخلة موازين الحياة الأسرية لعائلة نموذجية مثل أسرتي والأرزاق على الله وبأن النجاح يأتي من بلدي ليس من بلاد الغربة ولولا ادعائها بالحلم وخوفها الشديد على ابنها لكانت الطائرة قد انفجرت بظروف غامضة جدا.
    الحمد لله على كل شيء لا يوجد في الدنيا أغلى من الأسرة ومن الأب وألأم والأولاد فليعرف الجميع بأن الفراق والغربة ليست سهلة بدون زوجة وأولاد نصيحة لا تتركوا أولادكم ولا زوجاتكم وتمسكوا برضا ألأهل الحياة معهم أجمل.
    والله ولي التوفيق.
    هاشم برجاق
    19-6-2010


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مارس 29, 2024 9:21 am